الجمعة، 19 فبراير 2016

علاء الديب.. “المُحب والقديس النزيه”



علاء الديب


يمتلك رصيد “كبير” من “المحبة” لدى الجميع، لا سيما الشباب، وعلى وجه التحديد الكُتَاب منهم، إذ يبادر بالسؤال عنهم والاتصال بهم، ويتابع ما يكتبون ويثني أو يبدي ملاحظاته، وصفوه بـ”القديس النزيه” الذي يدعم الكثيرين ولا ينتظر دعم من أحد، فقط يعمل في صمت.


اليوم 19 فبراير 2016، شيُعت جنازة الأديب الكبيرعلاء الديب، الذي رحل أمس الخميس، وفي حضرة هذا الوداع يتحدث عدد من محبي وأصدقاء صاحب “عصير الكتب” عنه.
وباتصال هاتفي بدأت قصة “المحبة” بين الأديب الرحل علاء الديب والكاتب هشام أصلان، ويروي “أصلان” لـ “دوت مصر”، تفاصيل هذه الحكاية.

عقب وفاة إبراهيم أصلان، مر هشام بحالة نفسية “مش مظبوطة”، تأثر ولم يجد ما يكتبه، توقفت مقالاته بالشروق، حتى اتصل به “الديب”: “أين أنت لم أقرأ لك شيئًا منذ فترة، وعندما أوضح له السبب، بادر واقترح عليه صاحب “وقفة قبل المنحدر.. من أوراق مثقف مصري” العودة بكتابة “جواب” إليه، وبالفعل كتب “أصلان” “جواب إلى الديب” عن إحدى روايته.

وذكر “أصلان”، أن علاقته بالديب الذي كتب حوار فيلم المومياء، كانت عبر الهاتف فقط، وأنه دائمًا ماكان يبادر بالاتصال به، وعندما وعدته أكثر من مرة أن أزوره ولم يحدث لأسباب عديدة، كان يقول لي “ماتشغلش بالك.. أهم حاجة إننا بنكلم بعض على التليفون”، وظل على اتصال دائم بي واكتشفت أنه يفعل ذلك مع عدد من الكتاب الشباب ويناقشهم في كتابتهم،وعندما تنقطع كتابتهم تجده يتصل بنا ليسأل: “إيه ياض مش بتكتب ليه؟”

ورغم أن علاقتهما كانت عبر الهاتف فقط، إلا أن رصيد المحبة كان كبيرًا، ويقول “أصلان”: “إذا تحدثنا عن القيمة الأدبية لكتاباته لن ننتهي، بداية من مشروعه العظيم “عصير الكتب”، و”وقفة قبل المنحدر: من أوراق مثقف مصري” و”زهرة الليمون” وعيون البنفسج” وغيرها من الأعمال”.

وشدد، “أصلان”، أن جيل “الديب” الذي ولد عام 1939، كان أغلبه كتاب كبار، لكن الديب من القليلين، الذين مثلوا صورة نادرة جدًا لـ”المحبة” الخالصة والاحتفاء من الآخرين لوجه الفن والإنسانية عبر كل الأجيال، وهذا الاحتفاء غير مدفوع بإمكانيات أجهزة أو مؤسسات، لكنه احتفاء بالإنسان، فسنده كان المحبة.

وفي مقال حمل عنوان “في محبة ما يرمز إليه علاء الديب” بجريدة الأهرام، وصفته الكاتبة ماجدة الجندي بـ”الزاهد والمترفع وواضح الموقف”، الذي يشبه في نزاهته “نزاهة القديسين”.

وأكدت أنه كان “رمانة ميزان” في السبعينيات والثمانينيات، والتي شهدت “انقلابات قيمية”، فكان حضوره يشبه حضوره حفيف أوراق الأشجار، ونبرة صوته تعلو الهمس بدرجات بسيطة.

وروت خلال مقالها، أنه ذات يوم وصفته بـ”المشهود” دعمها مشيدًا بموضوع كتبته قائلًا: “على فكرة موضوعك حلو.. مكتوب كويس”، ولم ينتظر منها ردًا على ذلك فقط دعمها “الزاهد” بالثناء على ما كتبت.

وعن “محبة” الرجل الذي حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 2001، كتبت “الجندي”، إن صوته كان يأتيها، لا سيما في أوقات الضيق والوحدة مواسيًا، وكانت ترد عليه قائلة “ربنا يخليك يا أستاذ علاء ربنا يعلم محبتك في قلوبنا، ومحبتنا لكل ما ترمز إليه من جمال”.


ونعاه الكاتب أسامة الشاذلي، عبر صفحته: “رحم الله الأستاذ علاء الديب، الأديب الحقيقي في عصر الأدعياء، وهم قلة لو تعلمون”.

بينما كتب الشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي “علاء الديب.. عصير قلوبنا، وداعاً أيها الزاهد العظيم”، وقال الكاتب محمد سلماوي، إنه رحل في صمت كما كان يكتب في صمت، وبرحيله يجب على أصدقائه ومحبيه أن يعلوا صوت أعماله، التي طال تجاهلها.
ومن جانبه شدد هشام أصلان على “تعفف” الديب، قائلًا: “لا نستطيع إمساك خطأ عليه لأنه “يتعفف”، وقضى عمره في حالة شقاء من أجل “عف” النفس من أي دعم من أي جهة أو مؤسسة”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر في موقع دوت مصر الإخباري بتاريخ 19 فبراير 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق