السبت، 31 يناير 2015

لحظة: الأرض والله والذاكرة





 لقد ولدنا على هذه الأرض
ومن هذه الأرض..

وحين أدركنا أن فيها الكثير من التاريخ والعديد من الأنبياء
تعلمنا أن التعددية
فضاء لا زنزانة
وأنه ليس فى وسع أحد
أن يحتكر الأرض والله
والذاكرة

كانت هذه الكلمات الناصعة للشاعر محمود درويش مدخلاً لكتاب نادر عنوانه: «لحظة»
 يجمع 500 صورة من عمل 500 طفل من أطفال المخيمات الفلسطينية فى لبنان، أعمارهم ما بين: 5 إلى 11 سنة.


نظمت جمعية (ذاكرة: مهرجان الصورة) أن تضع فى يد كل منهم كاميرا لصورة واحدة، فكان هذا الكتاب الذى يشير إلى قلب قضية القضايا، لكى يضع حقيقة الحاضر والمستقبل أمام كل عين وكل ضمير، هنا قلب الحاضر وعيون تحاول أن ترى المستقبل، الكاميرا فى يد هؤلاء الأطفال جعلتهم يكشفون عن جوانب خاصة فى حياتهم اليومية، إنهم أطفال مقموعون فى شتى جوانب حياتهم، يعيشون أوضاعاً فى غاية القسوة، نفى، وحرب، وفقر، وحصار. من خلال الكاميرا كشفوا عن جوانب متنوعة فى حياتهم لا نعرفها ولا نراها.


أمامها لا نملك نحن إلا الوقوع فى صمت مؤلم، وشعور أخرس بمسؤولية نقف أمامها عاجزين.

أشرف فنياً على الكتاب والصور المصور اللبنانى الذى عاش تجربة الحرب الأهلية اللبنانية كلها، ويعيش ملاصقاً لمخيمات الفلسطينيين، هو رجل عاش، ويعرف ويملك وسيلة تعبير فتحت، وتفتح كل يوم، أنواعاً حارقة من المعرفة الإنسانية بأوضاع البشر.


كم تقول الصورة الفوتوغرافية الآن؟!
 بلاغة جديدة تسكت إلى جوارها الكلمات.
 تنسق عمل الجمعية، ريما أبوشقرا، وتعمل منذ 2007.
كل صورة من صور الكتاب:
 لوحة، وعذاب، وقضية، لكنها أيضاً ضوء على المستقبل، أجدنى مضطرا إلى لفت نظر القارئ الكريم إلى باب «365 يوم» فى آخر صفحة من «المصرى اليوم»!


عالم الكتاب
أخيراً بعد طول انتظار خرج الإصدار الثالث من هذه المجلة «الضرورة»!
 وأسندت وزارة الثقافة هذه المسؤولية إلى 4 من الفرسان الشباب:
 محمد شعير وأحمد اللباد وأحمد شافعى وأمير زكى، فى مغامرة محسوبة أقدم عليها أحمد مجاهد، رئيس هيئة الكتاب، وسط زحام المعرض والسلاسل والإصدارات التى لا تعد ولا تحصى، صدر العدد الأول من الإصدار الثالث لمجلة تضع القارئ المصرى فى قلب بحار الكتب التى تصدر فى الداخل والخارج، وتحاول أن تقود اختياراته، وعقله وتفكيره، يقول محمد شعير، رئيس التحرير، فى كلمته الافتتاحية: يسأل كثيرون ما رسالة عالم الكتاب، وقد تبدو الإجابة صادمة.. ليست لنا رسالة، الرسائل تعنى الحكمة، تعنى اكتمال المعرفة، تعنى الوصاية ونحن لا ندعى الحكمة.

لا نملك يقين الإجابات، وإنما عذاب الأسئلة.
 استطاع المدير الفنى والمصمم أحمد اللباد أن يرقب حيرة الأسئلة ويقين الأمانة والمسؤولية فى شكل جديد جميل يغرى بالمتابعة ومحاولة الفهم.



كان الملف الأساسى فى المجلة عن المفكر الفلسطينى الفريد الراحل إدوارد سعيد، ولم تكن الكتابة عنه مجرد تذكر أو احتفاء لكن مجموعة الكتابات كانت تطرح قضايا أساسية أثارها وجوده وغيابه وكتبه الأولى «الاستشراق» والأخيرة «خارج المكان»، لقد كانت حياة إدوارد سعيد (1935 – 2003) رحلة نادرة الدلالة على عذاب وضياع وارتباك، ليس الوطن الفلسطينى والكيان الصهيونى فقط، بل منطقتنا كلها، والأزمة الجوهرية فى الوجود العربى الآن:

 أزمة العلاقة مع الغرب ومع العلم ومع فلسفة العصر وقوانينه، كان المدخل إلى عالم إدوارد سعيد عن طريق عرض مهم ونادر كتَبَه أمير زكى عن كتاب نجلاء إدوارد سعيد أقرب بناته له، وقد أصدرت كتابها «البحث عن فلسطين» عن «دار بنجوين»، وقدمت من خلاله صورة حية فاهمة لحياة أبيها وأعماله واهتماماته، عن غربته المستقرة فى أمريكا، وعن إسهاماته الأساسية فى الفكر المعاصر فى السياسة والفلسفة والفن، وعن زياراته الإنسانية لفلسطين، ومعناها الشخصى والتاريخى له، كل ما أحاوله هنا أن أشير إلى ضرورة معرفة قضايا حياة هذا الرجل وكلمات ابنته عنه بعد رحيله، ترك إدوارد سعيد خطاباً قصيراً لابنته أحب أن أنقل لك منه هذه الكلمات:

 يقول إدوارد سعيد لابنته نجلاء:
 «لا تدعى هذه الأشياء تقودك:
الوقاحة والاستخفاف والتبرير والتشاؤم.. وفوق ذلك تعلمى أن تقبلى وتسامحى نفسك، تعلمى أن تحبى ذاتك، وبذلك يمكنك أن تحبى وتقدرى الآخرين».


فى المجلة عدد من الموضوعات المهمة منها مقال الدكتور عماد أبوغازى عن تجربته القصيرة فى وزارة الثقافة، كتبه بصدد تعليقه على كتاب الدكتورة شيرين أبوالنجا«المثقف الانتقالى من الاستبداد إلى التمرد»، وقد كتبت عن نفس الكتاب عزة كامل مقالاً يثير أسئلة حرجة.

 فى المجلة مقال مهم ومثير عن ظاهرة توفيق شحاتة!
 ومقال آخر مهم عن نادى برشلونة وعلاقته بالسياسة الإسبانية، كل صفحة من صفحات المجلة الجميلة والمهمة تؤكد «أننا نستطيع».
شيماء الصباغ.. عيد الثورة

الشاعر أمين حداد الذى أرّخ شعراً لثورة 25 يناير يوماً بيوم كتب عن احتفال الثورة بعيدها، ومقتل شيماء قصيدة، ليسمح لى أن أردد منها هذه الأبيات:
شيلوا الشريطة السودا من المشهد
خلوا الولاد أسعد
وديتوا فين السما
فين السما الزرقا
حتى القتيل اللى شيفينه
مقتول بقاله زمان
وكل ثانية تعدى يبقى الزمن أبعد
شيلوا الشريطة السودة من المشهد

القصيدة وردة لشيماء بدلاً من الذى كانت تحمله وقت الشهادة!!
حزن
استقبلت كل محافظات مصر ابنا أو أكثر من أبنائها بعد جريمة سيناء.
 مجند فى العشرين قطع تذكرة بلا عودة من أجل مصر، يا حكام البلد.. يا مسؤولين: الزهر يتساقط.. ولا ثمر.. لا ثمر.. الفقراء والضعفاء يدفعون الثمن.

لحظة – دار أمار – بيروت
مجلة عالم الكتاب: الهيئة المصرية للكتاب 2015

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت في جريدة المصري اليوم بتاريخ 31 يناير 2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق