الأربعاء، 11 مارس 2015

آدم.. وبيت الروح





يقول آدم حنين النحات المصرى، حررنى جدى النحات القديم من وطأة الإحساس بالزمن المادى والواقعى الضيق، فتح الفن المصرى القديم عينى على زمن آخر مترام.. زمن الأبدية والخلود: زمن الفن.

لآن: يقف آدم حنين وسط أكبر متحف مفتوح للنحت المعاصر. يطل المتحف على البحيرة. على أسوان، على منظر طبيعى فريد. تصور هذا المكان!
 (عشرون فدانا جنوب شرق أسوان) عندما يعتدل الجو، ويكتمل فى السماء القمر.. تجد نفسك أمام بحيرة من فضة، وسط عدد غير محدود من الانجازات النحتية، التى قدمها فى الجرانيت (حجر أسوان الخاص) حشد من خيرة نحاتى العالم، مع طليعة من نحاتى مصر الجدد قدموا هذا الانجاز على مدى عمل استمر الآن عشرين عاما.

 فى كل عام تضاف اليه حصيلة جديدة لعمل مجموعة من النحاتين. جاءوا من كل أطراف الأرض. فى أسوان تنطلق أفكارهم، ويتحرر خيالهم أمام سحر الخلود الذى يطلقه النيل، وجنادل أسوان، تحط عليها الطيور ثم تطير وتعود وهى موجودة مهيبة خالدة من الأبد إلى الأبد.

من هنا خرج بناة الأهرام ورافعو المعابد والمسلات، ومبدعو أقدم وأجمل رسوم عرفها الإنسان منقوشة على الحجر.

يقف الإنسان هنا، على هذه الأرض من أى مكان جاء فيدير رأسه وكيانه الخيال الحر، الذى جسدته إدارة الإنسان وشكلت من الجرانيت أحلاما وأفكارا إنسانية، تتحدى الضعف والقبح وسلبية الإنسان أمام صلابة الحجر.

الإنسان والخيال. العمل والطبيعة. الشمس والقمر. الماء والصخر. الإنسان والطيور تذهب وتعود فى متحف النحت المفتوح بأسوان. عشرون عاما من الحوار النحتى وضعت النحت المصرى الحديث وسط تيارات النحت المعاصر. وجاء إلى أسوان كل اتجاهات النحت على الحجر. لا أحد هنا يقلد النحت القديم. الخيال منطلق إلى بعيد، تحمله امكانات وأفكار ووسائل حديثة. كلهم كما يقول المعلم آدم يبحثون عن «الحقيقة العارية» حقيقة الإنسان فى حواره المتصل مع الطبيعة والوجود المتغير، الجمال والخيال والإيقاع فى حوار الفراغ مع الضوء والحجر وراء هذا الجهد والعرق الإنسانى الذى جاء من كل أرجاء الأرض لكى يترك كلمة جديدة فوق أقدم وأجمل أرض، كلمة فريدة خاصة حرة تضيف إلى الوجود غنى وجمالا.

الدورة العشرون كانت مهداة إلى آدم حنين.
وقد اقتصرت على النحاتين المصريين
 (16 فنانا: 9 فنانات، و7 فنانين).

شكل «المعلم» الكبير آدم فريقا من الفنانين:
شريف عبدالبديع ـ وهانى فيصل ـ وعصام درويش ـ وعملوا هم الأربعة فى صرح نحتى كبير مكون من 7 كيانات حجرية متجاورة تتغير أشكالها مع حركة الضوء والشمس ومكان النظر. هذا الصرح اسمه: بيت الروح. وقد أهدته المجموعة إلى سمبوزيوم أسوان الذى بلغ سن الرشد.

ولا يمكن أن يذكر هذا اللقاء النحتى الاحتفالى «سمبوزيوم» أسوان للنحت فى الحجر دون إرجاع الفضل فى وجوده وبقائه وازدهاره إلى جوار المعلم الفنان آدم إلى الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة الأسبق ( 1987 ـ 2011) وصلاح مصباح محافظ أسوان الذى انطلق السمبوزيوم فى زمنه والذى اختار مع آدم موقع المتحف المفتوح.. وطبعا لا أحد ينسى جهد الراحل الكريم صلاح مرعى الذى رحل وترك اللقاء فى رعاية صديقه أنسى أبوسيف. يحتضن السمبوزيوم صندوق التنمية الثقافية فى الوزارة، وتوفر المحافظة للفنانين أحجارهم ونقلها كما يستضيف فندق بسمة إقامتهم.

فى أسوان الآن حدث مصرى عالمى.
 قوى وجميل قد من صخور أسوان يتحدى قبح الجهلة وظلام المتخلفين.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر فى الأهرام بتاريخ 11مارس 2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق