الثلاثاء، 19 يناير 2016

مالك مصطفى يكتب: إلى الأستاذ







إلى رب الرواية وسيدها.. أكتب
إلى أستاذي, وأستاذ الرواية العربية: علاء الديب
طالت رقدتك يا سيدي, طال فراقك, وطال وجع القلب, ووحشة البعاد.. طال علينا سيدي بعدك.

(1)
لن أحكي حكايتي معك, ولا مع أيامك الوردية, لن أحكي افتناني بالقمر الراقد على المستنقع, ولا بالدكتورة سناء فرج, التي أوجعتني كلماتها, والتي تخيلتك معها أنثى محطمة, لا “تود مقابلة الحياة, بإحساس امرأة مغتصبة”.


لن أحكي سيدي, حبي لكل شخصياتك, وتوحدي معها/معك.
سأحكي عن الاكتئاب “الراضي” عن كل مرة أنهي قراءة رواية لك, ويداهمني فيها ذلك الحزن, ذلك الفراغ, تلك الوحدة المقطعة لأوصالي, والتي أحببتها بسببك.
التي أشعرتني بكوني حقيقيا.
والتي أحببت الغربة بسببها.

(2)
الهجر يا سيدي قاتل, وما أنا عليه بقادر, وما أستطعت أن أتحكم في جيشان ذلك الفراغ داخلي, في كل مرة أراك فيها مستلقيا في العناية المركزة.

توحشت ضحكتك سيدي
توحشت نظراتك الماكرة من تحت زجاج نظارتك الطبية, وأنت تحاول التعرف في ملامحي, عن من أنا…
“ماحدش يعرفني”
احتديت للمرة الأولى والأخيرة معك, حكيت لك عن جيلي, وعن إفتنانا بك, وعن كونك أحد ملهمي هذا الجيل, الذي قرر أنه سيبحث عن المتوحدين, سيبحث عن التاركين والزاهدين, سيبتغي الحكمة, من منبعها الأهم, وكنت أنت منبع الحكمة لذلك الجيل.


وكنت أنت وما زلت منبع الحكمة لدي, والذي أسعى له بكل ما أوتيت من قوة.

(3)
سند كلماتك لروحي, في كل مرة كانت تميد بي الدنيا, وأنكر من كل الأرواح, كانت كلماتك هي السند, الذي يعيد لي الاتزان.


مضطرب أنا كما تعرفني, ومضطربة كلماتي, فأغفر لي حينما تقرأ تلك الكلمات المبعثرة بلا نظام, والتي لا تحمل غير الخوف, والاشتياق.


(4)
ألن تنهي روايتك سيدي؟
ألن تعود لمطروح كي تبدأ الكتابة؟
كي تحكي لنا عن الهزيمة, وعدم الخضوع لها, والمحاولة من جديد, وخلع وصم الهزيمة؟
ألن تحكي لنا عن المستسلمين لها؟ وكيف رضوا, ومسخوا, ولم يعودوا؟
ألن تحكي عن وحدة الهزيمة؟ وكيف يمكن محاربتها بالاعتزال؟
عن الصمود في وجه كل التغيرات المشوهة, التي لحقت بالأرواح؟
ألن تحكي عن الأرواح الضالة, والتي أفقدتها الهزيمة الطريق, فمضت تهيم بلا دليل؟


(5)
قم يا سيدي, كي تحكي لنا, ترشدنا, تعيد المنطق إلى عقولنا, وتذكرنا بالرحمة.
تذكرنا بالمغفرة
تذكرنا بقبول غضبنا
تذكرنا بـ”المودة التي هي أساس الحب”, وأن الهجر هو أبشع الجرائم التي ترتكب بأريحية, وبضمير راض.

(6)
قم سيدي فالموت استولى على المدينة, والخوف أصبح الراية المرفوعة على الجباه.

قم سيدي فكل كلمة منك, تطمئننا نحن التائهون, وترشدنا نحن الضالون.

قم سيدي ولا تحرمنا منك.
نحبك, ونحترمك, ونجلك, وننحني أمامك في توسل, أن تعود لنا, ولا تستسلم سيدي.


مالك.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مالك مصطفى
نشر في موقع زائد 18 بتاريخ 19 يناير 2016

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق