السبت، 20 يوليو 2013

شعب مصر حينتصر

                  

شىء من معنى.. يجمعنا
هو إحنا اتفرقنا.. خلاص؟
إلى جانب الشعر النادر، يملك أمين حداد صدقاً ناصعاً موجعاً شديد النفاذ، يدخل إلى كل دهاليز ومنحنيات تلك الفترة الغنية العصيبة التى عشناها ومازلنا نحاول فهمها.

 والتصرف بكرامة وطنية معها :
 أقصد معنى الثورة، وأيام الميدان، وما تلاها من آلام وانتكاسات..
 ثم – وهو الأهم – حمل مسؤولية الوطن، التى أصبحنا – فوق كل شىء – مدينين به للشهداء.

عندك شوية غضب/ عندك شوية زعل/ ولا الدموع مكفية/ ولا العياط مكفى/ كل ده مش جديد/ الأهم انك مديون للشهيد ولازم توفى.

اليقظة الإنسانية لصعوبة الموقف وتعقيدات المشاعر والسلوك تضع اللحظة والتعبير الشعرى عنها عند أمين حداد تحت ضوء كاشف يجعلنا نرى العروق بل والشعيرات فى جسد الكلمة ثم الجملة ثم بيت القصيدة :
الثورة ماشية فى الطريق الصح
سهم السياسة فى الاتجاه الغلط
لم يكن الشاعر أمين حداد «1958» مشغولاً فى بداية حياته بالمظاهرات أو بالتنظيمات السياسية التى كانت منتشرة قبل الثورة.

 كان معجوناً مهموماً معايشاً للقضية الاجتماعية والسياسية والفنية فى البيت الكبير والبيت الجديد الذى أسسه، وفى العمل، «أمين مهندس كمبيوتر واتصالات»، بين روح أبوالشعراء والده : فؤاد حداد، وبين الحضور الطاغى لفنان مصر الشامل المتمرد صلاح جاهين «والد زوجته»، صاغ أيامه ولياليه وعاش روح مصر : روح الشارع والنواحى والقرى والأقاليم وتربى فى ظل المسؤولية الإنسانية والفنية.

الشعب هو الألف/ لا الشعب كل الحروف/ يعنى كل الكلام وهو كل الأرقام/ وكل السنين والشهور والأيام/ قول تسعتاشر، وثلاثة وعشرين واثنين وخمسين وثلاثة وسبعين، وستة وتسعة وتسعة، يعنى علشان ربنا يسعى معاك لازم تسعى.

أبحر فى كتابة الشعر وهو يحمل موازين ومعايير فى الشكل واللغة والمضمون لا يأتيها الباطل والزيف من أى ناحية :
ألقى فؤاد حداد فى قلب الحدث
يبعث لى أنفاسه
ويقولى كمل انت بالإحساس

..
الشعر زى العبادة
أصله عمل طيب
مانتاش بعيد يا نهار ولا قريب
وقصيدتى شايلة الكلام
كل المعانى فى قلبها مبهمة
شعر أمين حداد «6 دواوين حتى الآن» يشق طريقاً صعباً جديداً : بين بلاغة الشارع والصياغة الأنيقة للفنان، بين عامية المألوف وخلق الشاعر :
ما تعرفيش يا دنيا ليه بارتبك
لما كلامى يشتبك فى قصيدة
كل أما أشوف الكلمة.. ليه بأمسكها
وأقول لها يا كلمة إيه معناكى
كل المعانى طالة من شبابيكها
وأنا فى شباكى
عمال أغازل فى الحروف البعيدة
نحن أمام شاعر نادر حملته ثورة 25 يناير وميدان التحرير إلى درجة أعلى من التعبير الناصع، وصبغت كلماته وأبياته بسحر القبول وقوة الوصول إلى قلوب الناس.

...
الثورة منحت الفنان جل عمله وحياته.
 منحته انطلاقة الإنسان لشاعر الثورة صاحب القول الحى الذى يحرك الجماهير :
الليلة ثورة، وبكرة ثورة، وبعده ثورة وننتصر. الثورة إيه/ هى البداية مصر غاية/ وشعب مصر حينتصر.
كان معنى الشهيد جديداً فى الميدان، كنا نعرف شهداء الحرب ضد إسرائيل، الشهيد الجندى البطل :
 شهيد الثورة فى الميدان فجّر فى شعر أمين حداد طاقات جديدة :

نايم على طرف السرير
فى قلبه حب وأمل
وفوق خدوده.. نور دموع ناشفة
هى دى القشة.. اللى قسمتنى
وغرقتنى فى ليل مالهش نهار
رأى فى هؤلاء الشهداء قلب الحوارى الحزين، وسأل :
 هى انتى مصر واللا انتى مين بالضبط؟
 رأى القاتل والقتيل والمجهول :

 مينا دانيال «الذى أفرد له إبداعاً خاصاً» وعماد عفت، وشهداء ماسبيرو، ومحمد محمود، ورأى الفقر مستمراً ومتغولاً. وسكنت مصر فى قلب القصيدة، وعرف إن مفيش سياسة نظيفة «وأن الثورة هى المصرى والمصرى هو الثورة».

 عاش فى الميدان مع المصرى الذى هو «أصلب من شوم التحطيب وأندى من الورد البلدى. هاتو ده جنب ده.. قلبك وقلبى وقلب الوطن.. تلقى الميدان اللى شعبه انتصر».

ميدان التحرير/ قلبه منور/ قلبه رحاية بتطحن أى فروق.
أما الشهداء فقد.. رجعوا الشوارع علشان يستشهدوا تانى.والثورة هى المبتدأ ولسه ما وصلشى الخبر
رصف الديوان الطريق من الوطن إلى الجنة.

نقطة نظام :
 عدد أخبار الأدب الجديد انتصار لفكرة العمل الجماعى.
الحرية من الشهداء – شعر – أمين حداد .
 دار الشروق – 2013

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشر في جريدة المصري اليوم بتاريخ 20 يوليو 2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق