السبت، 15 فبراير 2014

.. ضد عقارب الساعة

    

                   

لماذا لم نفهم ما تورطنا فيه؟
 فى 30 إبريل 2012 صعد الدكتور «؟!» مرسى منبر جامع «عمرو بن العاص» وبدأ حملته الانتخابية بقوله:
«سوف نعيد فتح مصر»
الآن نرى أن هذه الإهانة التاريخية التى صفع بها الرجل البلد والناس والتاريخ، كان يجب أن تكون كافية لكى يعرف الجميع:
 من هو، وماذا يخفى، والخبث الجنونى الذى يدبره هو وأهله وعشيرته للبلد.

كتاب: «سنة أولى إخوان» للكاتب والناشط السياسى سعد القرش يقدم وقائع وشهادة على 369 يوماً من الكابوس الأسود الذى أصاب الجسد المصرى كله ومازالت آثار الحمى الخبيثة تسكن فى الأطراف والمفاصل.

 أنهت هذه التجربة المرة بالنسبة لكل ذى عقل وعينين:
أى علاقة بين هذه الجماعة وبين الدين أو الإسلام، إذا لم يكن كل تاريخهم كافياً، فإن هذه الأيام الكابوسية أوضحت المقصد الرأسمالى المتوحش الذى حاول أن يختفى وراء الكذب واللحية والجلباب والابتسامات الصفراء، سقط آخر الأقنعة.

يقول الكاتب سعد القرش «مواليد الغربية 1966- مر بتجربة إخوانية من سن 13 إلى سن 23 وخرج سليماً أنقذه الضمير المصرى، والفن:
 2 مجموعة قصص، 5 روايات- مشاركة فعلية فى 25 يناير، وحركة المثقفين والأدباء، ويوم الفصل فى 30 يونيو» يقول:
«عبر سنوات عمرى لم أجد هذه الجماعة متورطة فى العمل الدعوى، ولا أتصور أن لرجل مثل خيرت الشاطر علاقة بالفكر الإسلامى أو الدعوة إلى الله.

 كيف يكون الهوس بدعوة المسلمين إلى الإسلام؟.
ألا تحتاج مثل هذه الدعوة إلى فضاء آخر خارج حدود العالمين العربى والإسلامى؟
 لا يزال فى أفريقيا بشر يحتاجون إلى معرفة الإسلام، وبعضهم ينتظر يدا حانية تراعى آدميتهم حتى لو ظلوا على وثنيتهم أو اختاروا ديناً آخر.

 لا أجد إضافة للإخوان فى مجال تجديد الخطاب الدينى، أو البحث عن حلول لمشكلة الفقر بعيداً عن (صدقات) مذلة تهين كرامة الإنسان».

رصد سعد القرش لتجربته الشخصية كشاب صغير وتجربة استرداده لبصره وبصيرته ثم معايشته اليومية لوقائع الأيام الكابوسية يضع كتابه وسط قائمة طويلة من الكتب التى أصبح من الضرورى وضعها فى أيدى الشباب ومناقشتها بكل وسائل الإعلام والبحث والعرض حتى تصل إلى الجيل الذى مازال يبحث أو يفكر فى «يقين» يقود حياته.

 من أول الكتب الأوروبية «لعبة الشيطان لدريفوس نموذجاً» وكتب حسام تمام، والخرباوى، وحمدى لطفى، وسامح فايز، واليوميات المهمة التى تنشر فى «المصرى اليوم» للمرحوم جمال البنا.

 القضية واضحة والنوايا صارت مفضوحة.
 وتركيب المؤامرة صار ساقطاً:
 إلا أن كلمة الدين مازالت ساحرة مقدسة ومخيفة فى بعض الأحيان.

 هو يقول كمدخل لرصد التجربة كلمة قالها الإمام النفرى:
 «إنما أحدثك لترى، فإن رأيت فلا حديث»!
ويقتبس من الأستاذ العقاد قوله فى كتاب «إبليس»:
«يوم عرف الإنسان الشيطان كانت فاتحة خير.. كانت فاتحة خير بغير مجاز وبغير تسامح فى التعبير» ويقول على المستوى الشخصى والمستوى العام:
«خرجنا من تجربة الإخوان جرحى، وربما يستمر النزيف بعض الوقت».

هذا هو الكتاب الثالث الذى يصدره الأستاذ سعد القرش منذ ثورة يناير «الثورة الآن» ثم «أيام الفيس بوك» ثم سنة أولى إخوان الذى بين أيدينا، والذى يحمل مادة وإمكانيات لكتاب مهم وكاشف لولا بعض العجلة، وتجميع المقالات التى كتبها فى مختلف الصحف، الأمر الذى أفقد الكتاب كثيراً من الإمكانيات الموجودة فى التجربة الشخصية وفى المادة المخيفة التى ترسم صورة لا تصدق لتلك الأيام الكابوسية القريبة.

الأديب، والصحفى، والباحث وضع يده على كنز فريد كان يمكن أن يصنع منه كتاباً بالغ الأهمية، وقد تفرد فيما أعرف بمحاولة رصد أيام احتجاجات المثقفين على آخر اختيارات الإخوان لوزارة الثقافة. كما يحاول رسم تفاصيل تصاعد «تمرد»، وصولاً إلى أطول وأغرب يوم فى التاريخ 30 يونيو حتى 3 يوليو.

يقول على لسان ابن سينا: «بلينا بقوم يظنون أن الله لم يهد سواهم»!
ولكن الآمال تتجدد بقوة، فالثورة فكرة لا تموت: هى فى الشارع عصية على التطويع.

الكاتب الذى أحب واقترب من الصديق الراحل محمد روميش وصاحب القنديل المصرى الخالد يحيى حقى يقول فى نبضة فن صادقة:
«أياً كان التيار الذى تنتمى إليه يجب أن تفهم الشعب المصرى، إنه يحب الشيخ محمد رفعت وعبدالباسط عبدالصمد ويعشق أم كلثوم، يقرأ نجيب محفوظ والشيخ محمد الغزالى سنى المذهب ويذهب إلى ضريح الحسين والسيدة للتبرك.

 يحس بالطمأنينة عندما يسمع الأذان ويشعر بالإيمان عندما تدق أجراس الكنيسة، يتفرج على الباليه ويسمع عبدالحليم ويعشق الشيخ النقشبندى جرجس يعلق فانوس رمضان ومحمد بيزوق شجرة الكريسماس وبعد كده بيروحوا يشموا النسيم سوا وياكلوا فسيخ ورنجة على شط نيل بلدهم.

 هذا هو الشعب المصرى الذى أنجب مصطفى مشرفة ومحفوظ ويحيى حقى ومجدى يعقوب وصلاح جاهين».
نقطة نظام:
أليس فى البلد عاقل رشيد يوقف زعابيب أمشير التى انطلقت ضد شباب الثورة: تخوين، اتهامات متبادلة.

 صور تعذيب، تسريبات، تسجيلات، ألا يكفى تراب الإخوان وسخائم رابعة والإرهاب؟!

سنة أولى إخوان. سعد القرش.
 الدار المصرية اللبنانية. 2014 القاهرة

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت في جريدة المصري اليوم بتاريخ 15 فبراير 2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق