الأربعاء، 31 ديسمبر 2014

مصر فى جملة مفيدة





كل عام وأنتم بخير.

غدا نبدأ عاما جديدا، ويكون قد مر على ثورة يناير أربعة أعوام صاخبة مزدحمة.

منذ شهور أكتب هذه الكلمات فى الأهرام العريقة تحت عنوان «صفحة جديدة»
 أستعرت العنوان من قصيدة الشاعر الشاب أحمد الحداد الذى يقول:
«حطلى مصر فى جملة مفيدة».

الثورة كانت ـ فى اعتقادى اعادة المعنى لكلمة مصر، أما تكوين الجملة المفيدة فهو الجبل الذى نصعده معا.

 فوق الجبل نبنى مصرنا الجديدة، وليس على رمال متحركة وسط اقذار وغبار.

سمحت لى هذه السطور التى أكتبها هنا كل أسبوع أن أبحث عن كلمات جديدة تقولها أسماء جديدة، شعرت بأن كابوس الخوف يرتفع عن كاهلها، وأحست أن حال رقابة السلطة، والرقابة الداخلية التى رزح تحتها جيلى ممن حاولوا التعبير أو الكتابة قد ارتفع، ويجب ألا تسمح له أن يوجد، فقد اكتشفت خلال سنواتى الطويلة مع الكتابة ومع الصحف أن هناك من يستعذب وجود هذه الرقابة، كمرضى السادية، وهناك من يستفيد من وجودها ويتسلق على درجاتها.

إذا كان هذا هو المبتدأ فى الجملة، فان الخبر الذى أكدته الأيام والتصاريف التى مرت بها ثورة يناير، ومحنة الإخوان ونكبة أو نكسة الحكم الذى استمر عاما ـ لم أعرف فى حياتى أثقل منه أو أشد ظلاما ومهانة ـ الخبر كان معجزة خروج الناس فى 30 يونيو وكشف المؤامرة التى ساقت المنطقة إليها سياسة التبعية والفوضى الخلاقة التى خلقت مصائب الإرهاب والإسلام السياسى وأحلام الخلافة والانقسامات، وتفتيت الشعوب والأوطان، واعادتنا قسرا إلى عصر القبائل وظلام القرون الوسطي.

 الحال فى الجملة أو الصفة هى كما ترى انقسامات حادة فى الرأى وحوار طرشان وصوت عالى وصخب، المشاريع التى أطلقها الرئيس السيسى ويتابعها فى حماس وزراء ورجال الحكم لا تقضى على ضوضاء الأصوات الصارخة وصراع المصالح الذى لم يجد النظام الجديد بعد وسيلة إلى ضبطه أو تحجيمه.

أهم الظواهر التى تهمنا هنا فى هذا السياق ونحن ننتظر الانتخابات والبرلمان الجديد الذى سيتولى الإدارة والمراقبة هما ظاهرتان تسببان القلق وتكادان أن تفككان الجملة المفيدة التى تريد أن تتكون وتهددان مصر التى نريدها مبنية على الصخر فوق الجبل.

 الظاهرة الأولى هى الدور الذى يلعبه الاعلام الآن. 
أقصد ما يطلق عليه الاعلام الرسمي، وريث وزارة الارشاد والاتحاد القومى والاشتراكى والحزب الوطني، مازال هذا (البوق) يزعق كميكروفونات الجوامع التى ترهب الناس من الدين ومن الصلاة أكثر مما تدعوهم إلى سماحته ومحبته، ما هى خطة اعلام الدولة الآن؟

بأى منطق ولأى غرض تدار أجهزة الإذاعة والتليفزيون، ذات الأثر الكاسح فى بلد هذه هى نسبة الأمية والجهل فيها.

أكاد أقول أنها تعمل ضد البلد.. وضد الثورة.
هذا رهان لن أخسره لو تابعنا مئات ساعات البث والإرسال بالتفصيل والتحليل.
أهى تعمل لتأسيس سلطة دكتاتورية جديدة؟
 أم تعمل لإيجاد حالة مختلفة فى الغيبوبة، لا أحد يعلم الناس السياسة.
لا أحد يدعو الناس إلى الاشتراك فى الحكم.
إننا نعلمهم من جديد: انتظار الأوامر وطلب المنح والحوافز. نعلمهم من جديد الرخص والنفاق، وندعوهم للرشوة ومد اليد وطلب الواسطة وعدم تحمل المسئولية.

الظاهرة المعلقة الثانية هى تلك الحملة التى تدار

ـ لا أدرى بواسطة من ـ ضد «المثقف» المثقف ليس رتبة ولا وظيفة، كما أنه ليس وجاهة اجتماعية.
أنها صفة لا تكتسب بالتعيين أو بارتداء ثياب معينة أنها
(علم، وعمل).

المثقف هو المشغول والعامل فى عقل الأمة.

ليس المثقف ـ كما يقول أحد كبار الأساتذة ـ هو ابن الطبقة الفقيرة الذى حصل فى عهد الناصرية على مكاسب يريد الاحتفاظ بها، لذلك فهو يعمل على نفاق السلطة الجديدة، ليس هو اليسارى الذى يخاف من فتح ملفات أمن الدولة كما أنه ليس الخائف من تهم الشيوعية أو العلمانية أو الكفر والزندقة.

هو خادم عقل الأمة. المدافع عن خصائصها وهويتها، هو المنتج لغذاء العقل والروح، إذا لم نحمه ونحافظ على كرامته وقيمته،إذا لم نكف على اتهامه بالعمالة ، والسفسطة وطول اللسان، فنحن نترك الناس على المذاود يأكلون التبن ويسمعون الهراء. ولا يفرقون بين الصدق أو النفاق والكذب.

إذا لم نحترم المثقف ونضعه فى مكانه فى الصف فإن العربة لا محالة ترجع إلى الخلف.
المثقف الذى عاش أمينا مع يناير ومعجزة يونيو الآن هو الباحث عن تغيير شامل يبدأ من التعليم.
تعليم العلم، وتعليم السياسة التى هى خدمة الناس والعمل للمستقبل.
هو الذى يقف خارج دوائر الارتزاق من النفاق ومن فتات صراع المصالح.
هو من يقف خارج دوائر الادعاء والتسلق والانتهازية.
الباحث عن نهضة للأمة، شاملة أساسها الحرية والعدل.. والعلم والعمل.

لقد أثبت اجتماع مثقفى مصر لإسقاط وزير ثقافة الإخوان قدرتهم على التجمع والتحرك الايجابى فى وقت الضرورة، هو لون أساسى من ألوان الطيف مع العمال والفلاحين، بدونه لا يكتمل نور الشعب.

وكل عام وحضراتكم بناة لمصر الجديدة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرفى الأهرام بتاريخ 31 ديسمبر2014

السبت، 27 ديسمبر 2014

فنون بلا أبجدية

                    

الفنان أمين ريان، كنز مصرى غاب قبل أن نعرف حقاً قيمته، ونسمع ونفهم ما كان - حقاً - يريد أن يقول، روايته «حافة الليل» عمل فنى، ووثيقة اجتماعية، وتحذير مبكر من أزمة نواجهها الآن «الرواية مكتوبة 1948 - صدرت 1954 لأول مرة» يرى أمين ريان، الذى غاب عنا أوائل هذا الشهر قبل أن يقرع عامه التسعين:

 يرى بوضوح أزمة المجتمع المصرى المعجون بالفن والحضارة والضمير الأخلاقى منذ فجر التاريخ، مع الفهم الدينى الخاطئ الذى يقف حائلاً دون انطلاق الحياة وتحررها، الفهم الدينى الذى يحول حياة الناس إلى «أشباح جهنمية وتشنجات مرضية» يجعل البشر يعيشون أسرى لمفاهيم غريبة عن «العورة» والذنب والخطيئة، وكأن الوجود الرحب بشمسه وقمره، وعالمه وموسيقاه وكل ما فيه من جمال قد استحال إلى متلصص ينظر للعالم من ثقب فى باب مغلق.


رحم الله أمين ريان، الكاتب والرسام ومرمم المبانى الأثرية صاحب الرحلة الحرة الطويلة التى بدأت فى روض الفرج 1925، وانتهت فى شقة فى «الزيتون» تضيق باللوحات والكتب والأحلام التى لم تتحقق.. وكانت رحبة، طيب ريحها لأن صاحبها: يؤمن بالفن والسخرية، يعيش أيامه فى رضا واستغناء:
 معرضى بيتى، وجمهورى الأصدقاء، لم يكن الفن مهنة للارتزاق، كنت أعمل لكى يضىء الفن جوانب من حياة الناس.


«حافة الليل» روايته المشهورة، وله غيرها خمس روايات «المعركة أو 1951 - رواية عن حريق القاهرة - مزلقان النجيلى: عن تاريخ روض الفرج - رواية الصيف - رواية: الكوشة». وبعد ذلك عدد من مجموعات القصص، كما ساهم فى إنشاء جماعة أدبية لنشر الأعمال غير المشهورة هى «جماعة 90».


فى الفن التشكيلى أمين ريان له تاريخ خاص:
درس الفن فى مدرسة الفنون الجميلة القسم الحر، قبل أن يحولها طه حسين إلى كلية، تتلمذ على يد الفنان أحمد صبرى، أحد أعمدة فن التصوير المصرى الحديث، له لوحة مشهورة بعنوان «الشهيد»، صارت ملصقاً لحركات التحرير ضد الاستعمار «القديم»، ولوحة أخرى لها أهمية خاصة الآن عن حفر شعب مصر لقناة السويس «القديمة»، ولوحة قديمة مختفية بعنوان «طحن الدقيق» عن أزمة الخبز «القديمة»، اشتراها والد الملكة فريدة ولم يدفع الثمن، ولوحة عن شم النسيم «مشروعه للتخرج» اشترتها السيدة هدى شعراوى ودفعت ثلاثين جنيهاً، من أهم آثاره أيضاً:
التسجيل الفريد بالرسم والكتابة والصورة لحريق القاهرة 1951، اشترك معه فى إنجازه الصحفى كمال الملاخ والرسام حسن حاكم.
لم يكن الراحل الكبير محسوباً على شلة أو اتجاه فكرى.


 لنجيب محفوظ فى حقه كلمة خاصة هى:
 أمين ريان أول من كتب عندنا بالصورة، حاول صاحب أشهر رواية تحسب لليسار المصرى «رواية الأرض» الأستاذ عبدالرحمن الشرقاوى، أن ينشر له رواية «الضيف» فى روزاليوسف عندما كان رئيس مجلس إدارة، ولكنه لم يفعل («حافة الليل» صدرت تقريباً فى نفس وقت صدور الأرض). يقول الناقد سيد البحراوى إن إعادة النظر لرواية «حافة الليل» وإنتاج أمين ريان ضرورى لتصحيح كتابة تاريخ الرواية المصرية،
 ويقول الناقد مجدى توفيق:
 إن نص «حافة الليل» قد شارك فى صنع حداثتنا القصصية، النص يحمل إهداء إلى ذكرى الأستاذ الكبير محمد مندور، وزوجته الشاعرة ملك عبدالعزيز، التى لها دراسة مهمة عن الرواية، وللأستاذ سيد الوكيل دراسة وافية جمعت أهم الكتابات النقدية عن الرواية، وينتهى إلى قول:
 «الرواية عمل ينتظر القارئ الذى يبذل الجهد، ويطلب المعنى وينمى الخبرة، وينشد الفهم والتواصل».


قماش غال قديم منسوج على العين واليد، يبعث حياة جماعة الرسامين والنحاتين والموديلات الذين يعيشون ويعملون بالفن فى الكلية، يصارعون الواقع المتخلف الرافض لقبول وفهم ضرورة وأهمية وجمال ما يفعلون، ومع ذلك فهم يعيشون فى وسط جزيرة الزمالك الساجية الراقية الجميلة حياة مليئة بالحب والصداقة والصراع، قماش غال قديم ينسجه أمين ريان بالشعر والصورة والحركة الدرامية والحبكة الروائية فى ثلاثة فصول متصاعدة، وكأنك أمام مسرحية كلاسيكية حسنة السبك.


الحوار عامى قح، من قلب الشارع على لسان الموديل
«أطاطة ونجفة والبنت عجوة، والولد محمد، والمشرف عصفور»، والسرد شعرى حساس عميق يحمل بصراً وبصيرة وفكراً يحذرنا من المستقبل الذى يمكن أن نصير إليه.


رسم الموديل العارى كان أحد الدروس الأساسية فى تعلم فن الرسم والنحت، رسم الجسد العارى ليس كشفاً للعورة، والموديل لا ترتكب خطيئة، إنه ألف باء الرسم، حروف الأبجدية التى منها تتكون اللوحة ويكتمل الشكل. الجسد أكمل أشكال الخالق، كما أن العقل أغلى المعجزات. فى أول الرواية يقول البطل:
الأستاذ أبوالعلا هو قريبى الفنان الذى أراد أن يعود بى إلى الله فأحرق فنه، وكون تلك الجماعة الدينية التى حكمت بكفرك وزندقتك كنا فى نظر القمم: السلف الصالح والخلف المحب
«لله والطبيعة» ولكننى عرفت أننا صرنا السلف الخائف والخلف المقلد.


ويقول أمين ريان على لسان بطله وهو يصف الموديل «عطيات» الشهيرة بـ «أطاطة»:
(لها رشاقة طبيعية فى جسمها وحركاتها المصرية، أما فى ألفاظها ونبرات صوتها الفطرية، فقد عرفتها تخلو من الرشاقة والرخاوة، كأنها كانت تتخذ من تلك الألفاظ والنبرات مخالب وأشواكاً تدافع بها عن تلك الثمرة الغضة التى تضعها الطبيعة فى رعايتها ومسؤوليتها ضد طفيليات المجتمع وأشراره).


هذه الموديل العاملة الكادحة التى تكسب لقمة عيشها بشرف تملك عواطف حساسة من الاختلاط مع جماعة الفنانين، لا يمكن أن تقبل أن يراها أحد عارية إلا «فنان»، عين الفنان لا تجرح ولا تشتهى ولا تجعل من عملها خطيئة.


فى منتصف السبعينيات بعد أن أطلق السادات عيار الجماعات الدينية والسلفية، خاصة فى الإسكندرية، اجتمع أستاذ الفنون بالإسكندرية «م. م» مع اتحاد الطلبة المكون من مجموعة من السلفيين وطلبوا من الشيخ جاد الحق إصدار فتوى بتحريم دراسة العارى، أصبحت كليات الفنون فى مصر منذ ذلك الحين عارية من الفن.. تأخذ العلم بالتقريب وانطلقت بعدها وحوش الخطيئة والتحريم، وغرقنا فى العورة والكفر، وأنتجنا فناً هابطاً فاحشاً بكل المقاييس. لا سامحهم الله.

ورحم الله أمين ريان الذى أطلق صيحة تحذير مبكرة لم يسمعها أحد.

«حافة الليل - رواية - أمين ريان (ط 1 : 1954)
طبعة دار الشروق القاهرة 2007».

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت في جريدة المصري اليوم بتاريخ 27 ديسمبر 2014

الأربعاء، 24 ديسمبر 2014

تقاسيم للمحبة والغضب

           

           نتيجة بحث الصور عن الكاتبة اريج جمال



 قدمت الكاتبة الشابة «أريج جمال» مجموعة قصصية جديدة فى شكلها وأسلوبها الخاص الذى نحتته فى المنطقة الحرجة بين النثر والشعر والفلسفة الحديثة،

فى المجموعة إحدى عشرة قصة، فى كل قصة تجربة حرة فى محاولات الشكل القصصى الجديد.هناك روح غاضبة متمردة جديدة، تعتمد على معرفة واسعة.. بالأدب الأوروبى، من فرجينيا وولف إلى رامبو إلى سانت أكزبورى«الأمير الصغير ـ أرض البشر» كما أن هناك تأثرا، واستيعابا للتجربة الشعرية الفريدة للراحل أنسى الحاج من لبنان ما علق فى الذهن بوضوح هو روح الغضب الإنسانى والاجتماعى، قلق، غاضب متمرد يجد تعبيرا صريحا له فيما تقول عنه الكاتبة: فضل الكتابة المقدس.


فى الصفحات الأولى من المجموعة تعلن أريج جمال بوضوح أنك أمام كتابة جديدة اسم القصة الأولى
«حكاية اللوح الزجاج، الذى يطلع للبنت من المنام»بعد هذا الاسم غير العادى، تقول:
 تلك الليلة، أرّقها القلق، ودت أن ترسم على الجدار العظيم الفارغ، قبالة فراشها، وجه الحبيب، كانت تدرى أكثر من أى أحد، أن الحبيب هو الذى نحبه فيغيب، أحست أن الوجه لو تجلى سيكون الحبيب هنا معها، ولو غصبا عنه، سيرى عريها الجسدى والنفسى كل الأوقات، لم تكن تفهم، فى الواقع، إلى الآن لا تفهم أنها تهديه شيئا أكبر من قدرته على الاحتفاظ بالاشياء.. الجميلة».


هذه كتابة مختلفة فيها قدرة لغوية، وخلط جديد بين الواقع والحلم، استقامة الكلمات والتباس الدلالة، وبحث عن ايقاع موسيقى متعمد، يتضح ويتنوع فى كل قصص المجموعة التى تؤكد أن الكاتبة تبحث عن «صوتها الداخلى» ولا يعنيها الوضوح بغدر الدقة فى ايجاد صورة لعالم النفس الداخلية. صدرت هذه المجموعة الصغيرة (85صفحة) عن دار «روافد للنشر والتوزيع» بعد أن كانت المؤلفة قد فازت فى مسابقة نظمتها مجموعة كبيرة من المؤسسات الألمانية «بنك التعمير الألمانى، جمعية دعم أدب إفريقيا وآسيا وأمريكا اللايتنية، بالاشتراك مع معهد جوته بالقاهرة، فى لقاء أدبى» أو «ورشة كتابة بعنوان لماذا نكتب» كانت أحد أنشطة معرض فرانكفورت للكتاب: 2014 تحت اشراف الكاتب العراقى الألمانى: عباس خضر، فازت قصة لأريج جمال بعنوان «طنين» وهى قصة غير واردة فى المجموعة مهداة إلى سمية رمضان، وفيها رائحة فرجينيا وولت التى يبدو إن لها تأثيرا خاصا مع الكاتبة الشابة.


توقفت عند واحدة من القصص أعتقد إنها أكمل تعبير عن تجربة أريج جمال، وهى قصة الشعر، حيث لم تكتف الكاتبة بالتعبير عن «الحالة» بل دخلت إلى بناء فنى كان له نفس طعم الجدة، والغضب الإنسانى، حيث تقول:
«سكتت الأعين التى هدها البكاء، ونامت، وهى تعاتب الله وتنتحب» «كان قلبى طيبا.. كان قلبى طيبا » فى المنام رأت داليدا عارية، أيضا حملتها على رجلها، فرجتها ريشها، وراحت تغنى لها: «جدع أنت يا جميل الصورة»..


من قصص المجموعة ومقالات الكاتبة يتأكد معنى الغضب الذى يذكرنا بحركة كتاب إنجلترا فى منتصف القرن العشرين، حيث تقول الكاتبة إنها تشعر أن بلادها لا تحبها ولا تفهمها، وأن البلاد العربية عموما لا توفر للكتاب إمكان أن يتفرغ لكتابته، ويعيش على دخله منها، وهى تدين بصراحة «حالات النجاح التجارى لأنها حالات شاذة تلبى احتياجات معينة معروفة ومتوقعة سلفا».


.. تحيرت أمام تجربة الشابة الفنانة، خاصة وأنت تلمس ثقافتها وأمانتها أمام فعل الكتابة، ولكن تشعر بنوع من الانفصال عن قضايا الواقع الذى يمد الفن بماء الحياة، والذى يربط الطائرة الورقية المحلقة بالأرض والناس.


فى القصة المهداة إلى روح رامبو تقول أريج فى مدخل القصة: «الوقت غروب، كنا على وشك العناق، حين سحب ذراعيه وانسحب، لم يعبأ بالحياة من حولنا، بهذا الشارع السيال السائر بنا أو بدوننا».


حرية التجربة الابداعية جديرة بالتحية والاحترام، ولكننى أعتقد أنها يجب أن تتم على الأرض، وليست فى السماء أو فى المنام، أريج جمال تضبط أوتار العود، وستبدأ العزف قريبا بالتأكيد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 نشر فى الأهرام بتاريخ 24 ديسمبر 2014

السبت، 20 ديسمبر 2014

جملة حقيقية.. وكلمة جديدة

                     
    
أغلب سنوات العمر التى أمضيتها، محاولاً الوصول إلى كتابة جيدة كانت فى صحبة أرنست هيمنجواى، منذ الصبى المبكر سحرنى الرجل:
 حياته وكتاباته، ذلك التركيب السحرى الفريد بين الحياة والكتابة، عاش حياة عريضة.. وكتب كتابة عظيمة.


 الخروج من الكتابة الصحفية المميزة إلى الأدب الفريد الخالد.
قديم هو.. مرت بعده مدارس كثيرة، وخرجت اجتهادات فى الفكر والفن مختلفة ومتنوعة، لكننى أعود له كثيراً باحثاً فى الحلول التى قدمها لعلاقة الفكر بالكتابة الأدبية، أسلوب الكتابة، علاقة الحياة بالأدب، بالنسبة لى:
 كان وسيبقى إنساناً عبقرياً ساحراً، لم أفهم - ولم أغفر له - انتحاره، رغم كل التفسيرات الفكرية والجينية التى حاول العلماء والمفكرون تقديمها لتبرير هذا العمل الذى يبقى إلى الأبد غصة فى حلقى، ونقطة سوداء أصرفها ولا أحاول التفكير فيها.


أرنست هيمنجواى «1899-1961»، واحد من أهم كتاب القصة القصيرة والرواية والتحقيق الصحفى فى القرن العشرين:
أشهر أعماله:
 الشمس تشرق أيضاً (1926) لمن تدق الأجراس (1940) العجوز والبحر (1950)، حصل على نوبل (1954)، وله عدد من مجموعات القصص القصيرة التى مهدت لكل تجارب وأشكال القصة الحديثة، إنجازه الأهم - بالنسبة لى - هو لغته:
الحية، السهلة، المقتصدة التى وصلت إلى تركيب خاص بين الكلمة والصورة: بين التعبير الأدبى والحركة، والفن التشكيلى، كما مهد لدخول حلول وحيل السينما إلى الأدب.


أنا شخصياً، منحاز لعبقرية الرجل، أشعر تجاهه بفضل وامتنان، صنع فى حياتى حلماً حياً لا يفارقنى رغم العمر.


ما الذى جاء بهيمنجواى الآن، ولماذا أكتب عنه وسط هذا الصخب؟
صدر - أخيراً عن مكتبة الأسرة عمل فريد له:
 «الوليمة المتنقلة»، عمل خارج بحار الروايات والقصص القصيرة، سيرة حياة روائية كتبها فى مقتبل حياته عندما كان يبحث عن نفسه فى باريس (1921-1926) كتب ما يشبه اليوميات، مجموعة من الملاحظات والأفكار عن نفسه، عن باريس، عن الكتابة، عن الأصدقاء، خلال هذه السنوات التى يطلق عليها فى فرنسا السنوات الجميلة، أو سنوات الجنون، السنوات التى تقع بين انتهاء الحرب العالمية الأولى وسنوات الكساد المالى الكبير، كانت باريس ملاذًا للكتاب والفنانين الباحثين عن تعبير عن العالم الذى تغير:
 كل تجارب الفن التشكيلى الذى صنع العصر، أغلب محاولات الأدب الحديث، نشأت فى هذه الفترة: من جيمس جويس إلى إليوت إلى فيتزجرالد، إلى دوس باسوس: فى صالون السيدة الأمريكية الغامضة اجتمعت كل هذه التيارات:
 صالون مسز شتاين جيرترود، التى أطلقت عليهم تعبير
 «الجيل الضائع» وهو ما رفضه هيمنجواى، حيث كان يرى فيهم فنانين يصنعون المستقبل، إلى جانب تسجيل يوميات هذه الفترة كان هيمنجواى، الكاتب الشاب الفقير، مشغولاً بكتابة رواية من رواياته الكبرى، محاولاً كسب عيشه بنشر قصص قصيرة فى بعض المجلات التى تقبل نشر قصص لأسماء غير معروفة.


جمع الكراسات التى تحتوى أفكاره ومغامراته فى حقيبتين كبيرتين وتركهما فى آخر فندق نزل به قبل أن يرحل إلى أمريكا، فى طريقه إلى الشهرة والنجاح، بعد انتحاره فى 12 يوليو 1961، تحصلت زوجته الرابعة مارى على الحقيبتين المليئتين بالأوراق وصنعت منهما النسخة الأولى من «الوليمة المتنقلة» وأصدرتها فى كتاب سنة 1964، ثم أعاد حفيدا هيمنجواى إصدار نسخة منقحة من الكتاب عام 2009، عن هذه النسخة ترجم د. على القاسمى النسخة العربية التى بين أيدينا، د. القاسمى، أديب ومفكر عراقى كبير يقيم فى المغرب منذ 1978 ليعمل بالأدب والثقافة والترجمة فى أكثر الأماكن بعداً عن صراعات العالم العربى، صدرت الترجمة فى طبعات سابقة مع مقدمتها الوافية المفيدة، إلا أن صدورها فى مكتبة الأسرة فى مصر عيد لعشاق باريس وعشاق أدب هيمنجواى الحر.


يقول واحد من أكبر أعمدة النقد الأدبى فى مصر الشيخ أمين الخولى بعد أن قرأ عدداً من قصص هيمنجواى القصيرة المترجمة إلى العربية، يقول أستاذ الأمناء، معلقاً على قصص هيمنجواى وأسلوبه:
«ليست القصة القصيرة ديباجة مرصعة، ولا ألفاظاً منمقة، ولا أحداثاً لافتة، ولا حركة عنيفة، ولا هى عقدة دقيقة، ولا حبكة متينة بل هى:
 همسة، أو لمسة أو خفقة، أو مسقط ظل، أو شعاع ضوء، أو فتنة لون.. أو ما إلى ذلك من إيحاء الفن.. لذا ليست القصة عملاً هيناً».


أما هيمنجواى فهو يقدم الأوراق التى لم يكن يفكر أن تكون كتاباً بقوله فى رسالة إلى صديق:
 «إذا كنت محظوظاً بما فيه الكفاية لكى تعيش فى باريس مثلى وأنت شاب، فإن ذكراها سيبقى معك إلى الأبد أينما ذهبت لأن باريس وليمة متنقلة».

الكتاب رغم احتشاده بأفكار عن الأدب والكتابة إلا أنه يشتمل أيضاً على وصف تفصيلى لشوارع باريس فى ذلك الزمن الجميل، الشوارع والمطاعم والمقاهى والبارات، ووصف للشقق الباريسية الفقيرة والفاخرة، ولأنواع الطعام والشراب، وحشود الرسامين والكتاب والصعاليك، وأنواع الجرسونات الطيبين والأشرار، ودكاكين البقالة والمشروعات، وشاطئ النهر والحدائق، والمكتبات التى تبيع أقدم الكتب وأحدثها.


كل هذه التفاصيل زخارف حول الموضوع الأصلى الذى هو الكاتب والكتابة، وأفكاره المتناثرة حول أسلوب العمل، وقته ومتاعبه، وسأسرد فيما بقى لى من مساحة بعضاً من تلك الأفكار، تاركاً المتعة الكاملة للقارئ لكى يجلس إلى هذه الوليمة، التى أعدها هيمنجواى وأحسن تقديم ترجمتها العربية الدكتور القاسمى:
تعلمت من رسم سيزان الذى أزور صوره كل يوم فى «اللوفر» أشياء عديدة مكنتنى أن أكتب قصصى فى عبارات بسيطة حقيقية لكى أضمن للقصص أبعاداً غير محدودة، ولكننى لم أكن أملك البلاغة الكافية التى تملكها لوحات الفنان، كما أننى أحتفظ لنفسى بهذا السر ولا أبوح به لأحد.


أحياناً أشرع فى كتابة قصة ما ولا أتمكن من التقدم فيها، أجلس أمام المدفأة متعباً، وأعصر قشور البرتقالات الصغيرة فوق أطراف اللهب، وأشاهد الرذاذ الأزرق الذى يتصاعد مع الرائحة، ثم أقوم وأحدق فى أسطح بيوت باريس وأقول لنفسى:
«لا تقلق.. لقد كتبت دوماً.. كتبت كثيراً من قبل وسوف تكتب من جديد، كل ما عليك أن تفعله هو أن تكتب جملة حقيقية واحدة، اكتب أصدق جملة تعرفها، هناك دائماً جملة حقيقية واحدة على الأقل، جملة واحدة رأيتها أو سمعتها، إذا بدأت الكتابة بتكلف كمن يمهد لتقديم شىء فإننى أتوقف، أحذف الزخارف والمقدمات والالتواءات اللفظية، أرمى بها بعيداً، لكى أبدأ بأول جملة خبرية حقيقية بسيطة.


أتوقف عن الكتابة وأنا أعرف ماذا سيحدث فيما بعد، لا أصل إلى قاع البئر، أترك ماء فى القاع.


عندما أترك الكتابة لا أفكر فيها أبداً، أترك كل العمل للعقل الباطن، لا أتحدث عنها ولا أفكر فيها.. سيمدنى العقل الباطن بالجديد.


على الكتاب أن يكتبوا وهم واقفون، فى هذه الحالة سيكتبون جملاً قصيرة.


يحتاج الإنسان إلى سنتين لتعلم الكلام وإلى خمسين سنة ليتعلم الصمت.


السعادة: صحة جيدة.. وذاكرة ضعيفة.
تعلم ألا تخلط بين الحركة.. والفعل.
يمكن تدمير الرجل.. ولكن لا يمكن هزيمته.
كان للرجل هوايات كثيرة ومشاغل دائمة:
 الملاكمة، مصارعة الثيران، سباق الخيل.. وعلاقات نسائية متنوعة «تزوج أربع مرات»، وتأتى الكتابة قبل كل شىء، وبعد كل شىء، الكلمات هى عشقه الأول والأخير، من أجمل ما قاله فى هذا الخصوص:
أنا أنظر إلى كل كلمة، وكأننى أراها للمرة الأولى.

الوليمة المتنقلة - أرنست هيمنجواى
- ترجمة د. على القاسمى
- مكتبة الأسرة - القاهرة 2014

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرت  في جريدة المصري اليوم بتاريخ 20 ديسمبر 2014

الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

«ذاكرة ودهشة: من أرض النعام»





تحمل التفاصيل الصغيرة عندما توضع على الورق حية وطبيعية وغير متكلفة: قدرة غريبة على صناعة أثر فى النفس عميق وباق (الشيطان فى التفاصيل.. أو الملائكة).


«حاجات صغيرة قوى» كتاب عصام اللباد الثالث الذى صدر هذا العام عن دار ميريت للنشر كتاب يشغى بالحياة والحركة، وكأنك أمسكت بخلية نحل يتحرك صانعا رحيقا فيه شفاء للناس.


يقول عنه صاحبه إنه حكاوى بالعامية (72 حاجة صغيرة) يهديه إلى »روحه« وتوأم روحه »بنت أخته« التى شاركته طفولته فى أرض النعام.
هو يقدم (تاريخ شفاهى) لأرض النعام
(1ـ الطفولة: 5591 ـ 7691) لكن بعد أن تعيد قراءة الكتاب (511 صفحة) وتتوقف عند قطع أو صفحات منه تسمع صوتا بعيدا يوقظ العقل والقلب ويحرك المشاعر يحكى لك أنت ـ بشكل شخصى ـ فى همس سمر الأحبة أو الأصدقاء عن نفسه، حتى طفولته عن »أرض النعام« ذلك الحى الذى يجعل منه عينه ممثلة لما طرأ على القاهرة ـ بل على مصر ـ من تغيرات قاسية وعشوائية وغير إنسانية.



الكتاب كما يقول صاحبه عصام اللباد الطبيب النفسى الذى يعيش ويعمل فى الولايات المتحدة منذ سنوات ويعود إلى قاهرته كثيرا كأنه لا يستطيع أن يقاوم مغناطيسا قويا:
 يجول فى الشوارع ويبحث عن الأصدقاء ويندهش فى كل مرة، غرابة وقسوة وعشوائية التغيرات فيسارع بالعودة لكى يبقى وقتا طال أو قصر، وتجذبه نفس القوة ونفس الدهشة ونفس الحنين.



يقول عصام عن كتابه:
رحلة سلسلة تبحث عن ذاكرة مكان وجماعة، جزء أوشك أن ينسى أو يخفت ضيه وسط نوع جديد من أضواء القاهرة الآن (أضواء فقط أم صخب وحيرة وقسوة وارتباك: الأقواس من عندى).
 الحكاوى القصيرة فى أغلبها نشرت فى »الفيسبوك« وهو فى الغربة الباردة البعيدة بحثا عن دفء بيت الطفولة وحميمية الشارع والحارة والشلة والمقهى والجيران والأصدقاء.
حيرنى اسم هذه الحاجات. لا أحب كلمة »نص« وأراه مفتعلا ولا يقول شيئا.


وهى ليست قصصا قصيرة أو قصيرة جدا لأن كل منهما شكل فنى يحتاج إلى بناء واستيفاء شروط ومواصفات، كما لا يخفى على الطبيب المثقف لا أدرى أن الجيل الحالى مازال يذكر تعبير »الأوتشرك« الذى نقله فى الأدب الروسى أستاذنا الدكتور مندور، وأطلقه على الكتابة التى تقف على الحدود بين الصورة والقصة والاسكتش والمقال القصير ليس الاسم مهما على أية حال مادمت أمام كتابة حية حاملة للمعنى والشعور مثيرة للفكر والعاطفة.



القطع القصيرة، الجرنال، الجرنال 2 ـ الخروجة »حاجات صغيرة قوى« فيها كتابة محكمة إن الدقة والاحتراف.
أقرأ مثلا »الجرنال«.
»كنت وأنا صغير ـ باحب أبويا قوى كان بيصحى بدرى قوي، وأنا كمان
كنت أقعد قصاده على الكرسى، وهو على الكنبة البلدى فى الصالة عايز أعمله حاجة تفرحه
الحاجة الوحيدة اللى كنت أعرف أعملها له أنى كل شوية أتسلل للبلكونة أشوف الراجل حدف جرنال الأهرام ولا لسه.
كل شوية أتسلل، وفاكر إنه مش واخد باله من تسللى.
لما أرجع بالجرنال فرحان له، يأخده منى بفرحة، غالبا معمولة عشانى، عشان أفرح بفرحته.


دقة التعبير، والوصف والمشاهدة والاقتصاد فى الكلمات تجعل من القطعة فنا، كاشفا دون تفاصيل فى البيت والشخصيات، خاصة إذا أضفت لها القطعة (التالية جرنال 2) ترى رؤى العين الأب المحب الفنان ، والابن الرفيق الطيب
(كلمة طيب كلمة تتردد فى كل القطع مفتاح لفهم الكاتب، وروح المكان).
هناك عرق فنى صافى يسرى فى البيت والمكان، الأب أستاذ شريعة فى الأزهر ولكنه جميل الحظ والسلوك أنيق الملبس والتعامل والصوت.. تكاد تراه يحلق بالروح فى البيت ويشرح بفنية علاقات الناس فى الشارع. عندما كان الناس.. ناسا. هل تعرف كيف صارت أرض النعام الآن؟
وماذا فعل بها أدعياء الدين وسلفيو الفكر أجرامى والسلوك والأخلاق.
 هذا موضوع آخر، تجنب الطبيب النفسانى التحدث فيه بشكل مباشر، ولكنه استحضره وتناوله فى كل سطر من سطور كتابه. 


(صاحب السعادة بدر كاوتش) قصة قصيرة بامتياز عن صديق طفولة متمرد حر، رفض أى قوالب للحياة، وعاش سعيدا، يلعب بالكاوتش ويصلحه لما كبر ورفض التعليم والطريق المرسوم الغارق بالشقاء والخضوع والطموح، أصبح أفراد الشلة أطباء، ومهندسين، ناجحين بالمقاييس الاجتماعية أما هو فقد فتح دكان تصليح كاوتش:
 كلنا غالبا فشلنا فى أننا نكون سعدا، وراضيين فى معظم جوانب حياتنا.
 أما هو: فإن محله لتصليح الكاوتش »دائما زحمة« وحى ناس قاعدة على كراس أو براميل، أو فردتين كاوتش بيتكلموا ويضحكوا: وياخذوا من خير وجودة .


هذه الجملة الاخيرة أثارت عندى ملاحظة أخيرة لماذا العامية هنا؟
تاريخ الكتابة: خلال الخمسين عاما الماضية، وصلت بعد معارك ونقاشات طويلة إلى عربية سهلة معبرة مكتوبة ومنطوقة وبسهولة. لم أر أن تعمد العامية قد أضاف إلى رصيد الفن الكبير الذى حمله هذا الكتاب الصغير.. إن لم يكن قد سحب منه.


عرفنى عصام اللباد على عدد من الأصدقاء عم أشرف وبائع البلح الحيانى الضرير، وسعدية، كلهم صاروا أصدقاء.
لا حرمنا الله من غير وجودهم وأكثر من أمثاله وأمثالهم. ووقانا شر شياطين النعام الجدد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
 نشر الأهرام بتاريخ 17 ديسمبر 2014